صلاح الدين الصَّفديّ هو صلاح الدين أبو الصَّفاء خليل بن أيبك بن عبد الله الألبَكِي الفاري الصَّفديّ الدِّمشقيّ الشَّافعيّ.
(صفد، 696 هـ - دمشق، 10 شوَّال 764 هـ) وُلِدَ لواحدٍ من أمراء المماليك، في صفد سنة ستٍّ وتسعين وست مئة،
ونشأ في أُسرة ثريَّة نشأةً مرفَّهة، فحفظ القرآن العزيز في صغره، ثُمَّ طلب العلم، وبرع في النَّحو واللُّغة والأدب والإنشاء،
وكتب الخطّ المنسوب، وقرأ الحديث وكتبه. وتعانى صناعة الرَّسم على القماش، ثُمَّ حُبِّب إليه الأدب فولِعَ به،
وذكر عن نفسه أنَّ أباه لم يمكِّنه من الاشتغال حتى استوفى عشرين سنة،
فطلب بنفسه وقال الشعر الحسن ثُمَّ أكثر جداً من النَّظم والتَّرسل والتَّواقيع , ومن أجمل قصائده المعروفة هذه القصيدة :
لامية الصفدي رحمه الله تعالى
الجد في الجد والحرمان في الكسل ... فانصب تصب عن قريب غاية الأمل
وشم بروق المعالي في مخائلها ... بناظر القلب تكفي مؤنة العمل
واصبر على كل ما يأنى الزمان به ... صبر الحسام بكف الدارع البطل
لا تمسين على ما فات ذا حزن ... ولا تطل بما أوتيت في جذل
فالدهر أقصر من هذا وذا أمد ... وربما حل بعض الأمر في الوجل
وجانب الحرص والاطماع تحظ بما ... ترجو من العز والتأييد في عجل
وصاحب الحزم والعزم اللذين هما ... في الحل والحل ضد الغي والخطل
والبس لكل زمان ما يلايمه ... في العسر واليسر من حل ومرتحل
واصمت ففي الصمت أسرار تضمنها ... ما نالها قط إلا سيد الرسل
واستشعر الحلم في كل الأمور ولا ... تبادر ببادرة إلا إلى رجل
وإن بليت بشخص لا خلاق له ... فكن كأنك لم تسمع ولم يقل
ولا تمار سفيهاً في محاورة ... ولا حليماً لكي تنجو من الزلل
ثم المزاح فدعه ما استطعت ولا ... تكن عبوساً ودار الناس عن كمل
ولا يغرك من تبدو بشاشته ... منه غليك فإن السم في العسل
وإن أردت نجاحاً أو بلوغ منى ... فاكتم أمورك عن حاف ومنتعل
وأبكر بكور غراب في شذا نمر ... في بأس ليث كميّ في دها ثعل
بجود حاتم في إقدام عنترة ... في حلم أحنف في علم الإمام علي
وهن وعزّ وباعد واقترب وأثل ... وابخل وجد وانتقم واصفح وصل وصل
بلا غلو ولا جهل ولا سرف ... ولا توان ولا سخط ولا مذل
وكن أشد من الصخر الأصم لدى البأسا ... وأسير في الآفاق من مثل
حلو المذاقة مرّاً لينا شرسا ... صعباً ذلولاً عظيم المكر والحيل
مهذباً لوذعيا طيباً فكهاً ... عشمشماً غير هياب ولا وكل
صافي الوداد لمن أصفى مودته ... حقاً وأحقد للأعداء من جمل
لا يطمئنّ إلى ما فيه منقصة ... عليه إلا لأمر ما على دخل
ولا يقيم بأرض طاب مسكنها ... حتى يقدّ أديم السهل والجبل
ولا يصيخ إلى داع إلى طمع ... ولا ينيخ بقاع نازح العلل
ولا يضيع ساعات الدهور فلن ... يعود ما فات من أيامها الأول
ولا يراقب إلا من يراقبه ... ولا يصاحب إلا كل ذي نبل
ولا يعدّ عيوب الناس محتقراً ... لهم ويجهل ما فيه من الخلل
ولا يظن بهم سوءاً ولا حسناً ... يصاب من أصوب الأمرين بالغيل
ولا يؤمل آمالاً بصبح غد ... إلا على وجل من وثبة الأجل
ولا ينام وعين الدهر ساهرة ... في شأنه وهو ساه غير محتفل
ولا يصدّ عن التقوى بصيرته ... لأنها للمعالي أوضح السبل
من لم تكن حلل التقوى ملابسه ... عاراً وإن كان مغموراً من الحلل
من لم تفده صروف الدهر تجربة ... فيما يحاول فليرعى مع الهمل
من سالمته الليالي فليثق عجلاً ... منها بحرب عدوّ غير ذي مهل
من كان همته والشمس في قرن ... كانت منيته في دارة الحمل
من ضيع الحزم لم يظفر بحاجته ... ومن رمى بسهام العجب لم ينل
من جالس الغاية النوكى جنى ندماً ... لنفسه ورمى بالحادث الجلل
من جاد ساد وأمسى العالمون له ... وفا وحالة أهل الكف لم تحل
من لم يصن عزه ساءت خليقته ... بكل طبع لئيم غير منتقل
من رام نيل العلى بالمال يجمعه ... من غير حل بلى من جهله وبلي
من هاش عاش وخير العيش أشرفه ... وشره عيش أهل الجبن والبخل
عاجمت أيام دهر شدة ورخا ... وبوأت فيها بأثقال عليّ ولي
وخضت في كل واد من مسالكها ... بلا فتور ولا عجز ولا فشل
طوراً مقيماً مقام الصيد في صدف ... وتارة في ظهور الأينق الذلل
بالشرق يوماً ويوماً في مغاربه ... والغور يوماً ويوماً في ذوي القلل
وتارة عند أملاك غطارفة ... وتارة أنا والغوغاء في زحل
هذا ولم أرتض حالاً ظفرت به ... إلا وثقت بحبل منه منفصل
ولا أيمم بحراً جاش غاربه ... إلا وجدت سراباً أو صرى وشلي
حتى إذا لم أدع لي في الثرى وطناً ... أقصرت من غير لا وهن ولا ملل
فاليوم لا أحد لي عنده أرب ... ولا فتى أبداً ذو حاجة قبلي
وفي الفؤاد أمور لا أبوح بها ... ما قرب النائي أيدي الخيل والإبل
وإن أمت فلقد أعذرت في طلب ... وإن عمرت فلن أصغي إلى عذل
تمت برسم أخ مازال يسألني ... إنشاءها أبداً في الصبح والطفل
فقلتها لأرى مفروض طاعته ... والقلب شغل ناهيك من شغل
ولا أبالغ في توقيف أكثرها ... ولا ذكرت بها شيئاً من الغزل
لكنها حكم مملوءة همماً ... تغني اللبيب عن التفصيل بالجمل
ثم الصلاة على أزكى الورى حسباً ... محمد وأمير المؤمنين علي
ما أومض البرق في الديجور مبتسماً ... وما سفحن دموع العارض الهطل
نرجو للصفدي الرحمة ولمن زار هذه الصفحة الفائدة والموعظة الحسنة ..:Rose::Rose:
(صفد، 696 هـ - دمشق، 10 شوَّال 764 هـ) وُلِدَ لواحدٍ من أمراء المماليك، في صفد سنة ستٍّ وتسعين وست مئة،
ونشأ في أُسرة ثريَّة نشأةً مرفَّهة، فحفظ القرآن العزيز في صغره، ثُمَّ طلب العلم، وبرع في النَّحو واللُّغة والأدب والإنشاء،
وكتب الخطّ المنسوب، وقرأ الحديث وكتبه. وتعانى صناعة الرَّسم على القماش، ثُمَّ حُبِّب إليه الأدب فولِعَ به،
وذكر عن نفسه أنَّ أباه لم يمكِّنه من الاشتغال حتى استوفى عشرين سنة،
فطلب بنفسه وقال الشعر الحسن ثُمَّ أكثر جداً من النَّظم والتَّرسل والتَّواقيع , ومن أجمل قصائده المعروفة هذه القصيدة :
لامية الصفدي رحمه الله تعالى
الجد في الجد والحرمان في الكسل ... فانصب تصب عن قريب غاية الأمل
وشم بروق المعالي في مخائلها ... بناظر القلب تكفي مؤنة العمل
واصبر على كل ما يأنى الزمان به ... صبر الحسام بكف الدارع البطل
لا تمسين على ما فات ذا حزن ... ولا تطل بما أوتيت في جذل
فالدهر أقصر من هذا وذا أمد ... وربما حل بعض الأمر في الوجل
وجانب الحرص والاطماع تحظ بما ... ترجو من العز والتأييد في عجل
وصاحب الحزم والعزم اللذين هما ... في الحل والحل ضد الغي والخطل
والبس لكل زمان ما يلايمه ... في العسر واليسر من حل ومرتحل
واصمت ففي الصمت أسرار تضمنها ... ما نالها قط إلا سيد الرسل
واستشعر الحلم في كل الأمور ولا ... تبادر ببادرة إلا إلى رجل
وإن بليت بشخص لا خلاق له ... فكن كأنك لم تسمع ولم يقل
ولا تمار سفيهاً في محاورة ... ولا حليماً لكي تنجو من الزلل
ثم المزاح فدعه ما استطعت ولا ... تكن عبوساً ودار الناس عن كمل
ولا يغرك من تبدو بشاشته ... منه غليك فإن السم في العسل
وإن أردت نجاحاً أو بلوغ منى ... فاكتم أمورك عن حاف ومنتعل
وأبكر بكور غراب في شذا نمر ... في بأس ليث كميّ في دها ثعل
بجود حاتم في إقدام عنترة ... في حلم أحنف في علم الإمام علي
وهن وعزّ وباعد واقترب وأثل ... وابخل وجد وانتقم واصفح وصل وصل
بلا غلو ولا جهل ولا سرف ... ولا توان ولا سخط ولا مذل
وكن أشد من الصخر الأصم لدى البأسا ... وأسير في الآفاق من مثل
حلو المذاقة مرّاً لينا شرسا ... صعباً ذلولاً عظيم المكر والحيل
مهذباً لوذعيا طيباً فكهاً ... عشمشماً غير هياب ولا وكل
صافي الوداد لمن أصفى مودته ... حقاً وأحقد للأعداء من جمل
لا يطمئنّ إلى ما فيه منقصة ... عليه إلا لأمر ما على دخل
ولا يقيم بأرض طاب مسكنها ... حتى يقدّ أديم السهل والجبل
ولا يصيخ إلى داع إلى طمع ... ولا ينيخ بقاع نازح العلل
ولا يضيع ساعات الدهور فلن ... يعود ما فات من أيامها الأول
ولا يراقب إلا من يراقبه ... ولا يصاحب إلا كل ذي نبل
ولا يعدّ عيوب الناس محتقراً ... لهم ويجهل ما فيه من الخلل
ولا يظن بهم سوءاً ولا حسناً ... يصاب من أصوب الأمرين بالغيل
ولا يؤمل آمالاً بصبح غد ... إلا على وجل من وثبة الأجل
ولا ينام وعين الدهر ساهرة ... في شأنه وهو ساه غير محتفل
ولا يصدّ عن التقوى بصيرته ... لأنها للمعالي أوضح السبل
من لم تكن حلل التقوى ملابسه ... عاراً وإن كان مغموراً من الحلل
من لم تفده صروف الدهر تجربة ... فيما يحاول فليرعى مع الهمل
من سالمته الليالي فليثق عجلاً ... منها بحرب عدوّ غير ذي مهل
من كان همته والشمس في قرن ... كانت منيته في دارة الحمل
من ضيع الحزم لم يظفر بحاجته ... ومن رمى بسهام العجب لم ينل
من جالس الغاية النوكى جنى ندماً ... لنفسه ورمى بالحادث الجلل
من جاد ساد وأمسى العالمون له ... وفا وحالة أهل الكف لم تحل
من لم يصن عزه ساءت خليقته ... بكل طبع لئيم غير منتقل
من رام نيل العلى بالمال يجمعه ... من غير حل بلى من جهله وبلي
من هاش عاش وخير العيش أشرفه ... وشره عيش أهل الجبن والبخل
عاجمت أيام دهر شدة ورخا ... وبوأت فيها بأثقال عليّ ولي
وخضت في كل واد من مسالكها ... بلا فتور ولا عجز ولا فشل
طوراً مقيماً مقام الصيد في صدف ... وتارة في ظهور الأينق الذلل
بالشرق يوماً ويوماً في مغاربه ... والغور يوماً ويوماً في ذوي القلل
وتارة عند أملاك غطارفة ... وتارة أنا والغوغاء في زحل
هذا ولم أرتض حالاً ظفرت به ... إلا وثقت بحبل منه منفصل
ولا أيمم بحراً جاش غاربه ... إلا وجدت سراباً أو صرى وشلي
حتى إذا لم أدع لي في الثرى وطناً ... أقصرت من غير لا وهن ولا ملل
فاليوم لا أحد لي عنده أرب ... ولا فتى أبداً ذو حاجة قبلي
وفي الفؤاد أمور لا أبوح بها ... ما قرب النائي أيدي الخيل والإبل
وإن أمت فلقد أعذرت في طلب ... وإن عمرت فلن أصغي إلى عذل
تمت برسم أخ مازال يسألني ... إنشاءها أبداً في الصبح والطفل
فقلتها لأرى مفروض طاعته ... والقلب شغل ناهيك من شغل
ولا أبالغ في توقيف أكثرها ... ولا ذكرت بها شيئاً من الغزل
لكنها حكم مملوءة همماً ... تغني اللبيب عن التفصيل بالجمل
ثم الصلاة على أزكى الورى حسباً ... محمد وأمير المؤمنين علي
ما أومض البرق في الديجور مبتسماً ... وما سفحن دموع العارض الهطل
نرجو للصفدي الرحمة ولمن زار هذه الصفحة الفائدة والموعظة الحسنة ..:Rose::Rose: